هل سبق لك أن تخيلت بلد يحمل في طياته تنوع طبيعي وسحر تاريخي قلما تجده في أي مكان آخر؟ السياحة في السودان تأخذك في رحلة استثنائية عبر مزيج من العراقة الأفريقية والعمق التاريخي للحضارات القديمة ومن الأهرامات التي تتحدى الزمن في مروي إلى شلالات السبلوقة التي تنساب برقة بين الجبال، السودان يقدم لك تجربة فريدة تجمع بين المغامرة والاسترخاء.

في كل زاوية، ستجد مناظر طبيعية تأسر الأنفاس وأناس طيبين يرحبون بك بابتسامة ودودة لذا انطلق معنا في استكشاف كنوز هذا البلد الذي ينتظرك ليكشف عن أسراره.

السياحة في السودان

السودان يمتلك مجموعة متنوعة من المعالم السياحية التي تجمع بين التاريخ والطبيعة والثقافة وهنا بعض معالم السياحة في السودان البارزة التي يمكنك زيارتها:

أهرامات مروي

تقع أهرامات مروي في شمال السودان على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتحديدا في منطقة نبتة، التي كانت عاصمة حضارة كوش القديمة وتعتبر هذه الأهرامات من أبرز المعالم التاريخية ووجهات السياحة في السودان وتعد أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو.

تعود هذه الأهرامات إلى الفترة الممتدة من القرن ال8 قبل الميلاد وحتى القرن الرابع الميلادي، وهي تمثل جزء من حضارة مملكة كوش التي حكمت المنطقة بعد سقوط المملكة المصرية القديمة وعرفت حضارة كوش بتأثيرها الثقافي والحضاري الكبير، حيث تبنت الكثير من العادات والتقاليد المصرية القديمة ودمجتها مع طابعها المحلي الفريد.

الأهرامات في مروي تتميز بتصميمها الفريد والمختلف عن الأهرامات المصرية، فهي أصغر حجم وأكثر حدة في زواياها، وتحتوي على مقابر ملوك وملكات مملكة كوش ويبلغ عدد الأهرامات في مروي حوالي 200 هرم، معظمها بنيت لتكون مقابر ملكية لأفراد الأسرة المالكة.

مدينة سواكن

تقع مدينة سواكن على الساحل الغربي للبحر الأحمر في شمال شرق السودان، وهي واحدة من أقدم المدن التاريخية في المنطقة، وواحدة من أهم الموانئ في العصور الوسطى وكانت مركز للتجارة والبحرية في العصور القديمة، كما لعبت دور مهم في طرق الحج إلى مكة المكرمة عبر البحر الأحمر.

وتعود أصول سواكن إلى الحضارات القديمة، ولكنها ازدهرت بشكل خاص خلال العصر الإسلامي، عندما أصبحت ميناء تجاري مهم ومركز للحج وكانت المدينة محطة رئيسية للحجاج المتوجهين من إفريقيا إلى الحجاز لأداء مناسك الحج كما كانت معبر للبضائع التجارية القادمة من داخل إفريقيا إلى أسواق الشرق الأوسط.

تشتهر سواكن بمبانيها الأثرية التي صنعت من الحجر المرجاني، وهو ما يضفي عليها مظهر فريد وجمال معماري مميز ورغم أن العديد من مباني المدينة تعرضت للإهمال والتدهور، إلا أن الأطلال لا تزال تشهد على جمال العمارة القديمة في تلك الفترة فالمباني البيضاء، والأقواس المتشابكة والشوارع الضيقة تعكس مزيج بين الطابع العربي والإفريقي.

جبل مرة

جبل مرة هو سلسلة جبلية تقع في إقليم دارفور غرب السودان، ويعد من أروع المناطق الطبيعية في البلاد وأكثرها تنوع بارتفاع يصل إلى حوالي 3,042 متر فوق مستوى سطح البحر، يعتبر جبل مرة من أعلى المرتفعات في السودان وما يميزه هو مناظره الخلابة، ومناخه المعتدل، ووفرة الحياة البرية والمسطحات المائية.

يمتد جبل مرة على طول 100 كم تقريبا في وسط دارفور، ويتكون من سلسلة جبال بركانية قديمة والمنطقة المحيطة بالجبل مليئة بالأودية والشلالات والبحيرات البركانية كما ان مناخ جبل مرة يعتبر استثنائي بالمقارنة مع بقية مناطق السودان، فهو يتمتع بدرجات حرارة معتدلة ورطوبة نسبية عالية على مدار العام.

ومن أبرز ما يمكن رؤيته في جبل مرة هو شلالاته المتعددة، وأشهرها شلالات دربات، التي تشتهر بجمالها وتدفقها الدائم حتى في فصل الجفاف كما ان هناك أيضا البحيرات البركانية التي تقع في قمم الجبال، وتعتبر من أجمل المعالم الطبيعية في المنطقة.

شلالات السبلوقة

شلالات السبلوقة، والمعروفة أيضا باسم شلالات الستيت، تقع على نهر النيل في شمال العاصمة الخرطوم، وتبعد حوالي 80 كيلومتر عن المدينة وتعتبر الشلالات واحدة من أجمل الوجهات الطبيعية ومعالم السياحة في السودان، حيث تجذب الزوار بجمال مناظرها الطبيعية وتنوع الأنشطة التي يمكن القيام بها هناك.

تقع شلالات السبلوقة ضمن سلسلة شلالات نهر النيل الكبرى، وهي جزء من منحدرات صخرية تتشكل على النيل مما يؤدي إلى تكون تيارات مائية قوية وتدفقات سريعة عبر الصخور وهذه الشلالات ليست عالية مقارنة بالشلالات الأخرى حول العالم، لكنها تتميز باندفاع المياه القوي وجمالها الطبيعي المحيط بها.

واحدة من أكثر الأنشطة الممتعة في شلالات السبلوقة هي القيام برحلة بالقارب على نهر النيل، حيث يمكن للزوار الاقتراب من الشلالات والاستمتاع بالمشهد المذهل لتدفق المياه عبر الصخور.

متحف السودان القومي

متحف السودان القومي هو أكبر وأهم متحف في السودان، ويقع في العاصمة الخرطوم، على الضفة الشرقية للنيل بالقرب من تقاطع النيلين الأبيض والأزرق ويعتبر المتحف القومي واحد من أغنى المتاحف في إفريقيا، حيث يضم مجموعة كبيرة من الآثار والتحف التي تسرد تاريخ السودان عبر آلاف السنين، بدءا من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث.

ويحتوي متحف السودان القومي على مجموعات أثرية فريدة تشمل:

  • يضم المتحف تماثيل ومقتنيات تعود إلى الفترة الفرعونية المصرية، خاصة من الفترة التي كانت فيها مملكة كوش السودان القديم جزء من الإمبراطورية الفرعونية.
  • يمثل المتحف ثروة من القطع الأثرية التي تعود إلى حضارة كوش والنوبة، والتي كانت واحدة من أهم الحضارات في السودان القديم فهناك العديد من التماثيل والأدوات والمجوهرات التي تمثل قوة وعظمة ملوك كوش، مثل الملك تهارقا وغيره من الملوك النوبين.
  • بعد انهيار مملكة كوش، اعتنقت مناطق في شمال السودان المسيحية والمتحف يحتوي على مقتنيات من تلك الفترة مثل اللوحات الجدارية والتماثيل والصلبان، التي تعكس التأثير المسيحي على المنطقة قبل دخول الإسلام.
  • بعد انتشار الإسلام في السودان، أصبحت البلاد مركز ثقافي مهم في العالم الإسلامي والمتحف يضم مجموعة من التحف الإسلامية مثل المخطوطات القرآنية والفخار والمنسوجات التي تعود إلى القرون الوسطى.
  • يحتوي المتحف أيضا على معابد تم نقلها من مواقع أثرية غمرتها مياه السد العالي ومن أشهرها معبد بوهن ومعبد سيسيبي، اللذان تم إعادة بنائهما في حدائق المتحف.

يتكون المتحف من طابقين مع حديقة واسعة تحيط به حيث تم عرض بعض المعابد والأعمدة والتماثيل في الهواء الطلق فالمتحف مصمم بشكل يسمح للزوار بالتحرك بسهولة بين العصور المختلفة من تاريخ السودان، مع عرض تسلسلي يأخذك من فترة إلى أخرى.

محمية الدندر الوطنية

محمية الدندر الوطنية هي واحدة من أكبر وأهم المحميات الطبيعية في السودان وإفريقيا، وتقع في جنوب شرق البلاد على الحدود مع إثيوبيا تأسست في عام 1935 وتغطي مساحة تزيد على 10,000 كيلومتر مربع وتعتبر موطن لمجموعة متنوعة من الحيوانات البرية والنباتات النادرة.

تقع محمية الدندر في منطقة السهول الفيضية لنهر الدندر، الذي يمر عبر المحمية ويشكل المصدر الرئيسي للمياه فيها وتتميز بتنوع جغرافي يشمل السهول والغابات والمراعي والمستنقعات، فيوفر بيئات مختلفة تدعم وجود أنواع متنوعة من الحياة البرية.

كما محمية الدندر الوطنية معروفة بتنوعها البيئي الغني، حيث تضم أكثر من 27 نوع من الثدييات الكبيرة، و160 نوع من الطيور بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الزواحف والأسماك كما تعد المحمية ملاذ للعديد من الطيور المقيمة والمهاجرة، حيث تضم أنواع نادرة مثل:

  • طيور الكركي.
  • اللقلق الأبيض.
  • مالك الحزين وهو من الطيور المائية تجد في مستنقعات المحمية بيئة مثالية للتكاثر والعيش.

جزيرة سنقنيب البحرية

جزيرة سنقنيب هي واحدة من أجمل الجزر المرجانية في البحر الأحمر، وتقع قبالة سواحل السودان، على بعد حوالي 30 كيلومتر شمال شرق مدينة بورتسودان وتعتبر محمية بحرية كما تعد وجهة سياحية رئيسية من وجهات السياحة في السودان لعشاق الغوص والغطس، حيث تحتوي على نظام بيئي بحري فريد من نوعه بما في ذلك الشعاب المرجانية الجميلة والحياة البحرية المتنوعة.

جزيرة سنقنيب هي الجزيرة الوحيدة في السودان التي تشكلت بالكامل من الشعاب المرجانية، وهي محاطة بحلقة دائرية من الشعاب المرجانية الحية وتمتد الجزيرة على مساحة 10 كيلومترات تقريبا، وتتميز بمياهها الزرقاء الصافية والشعاب المرجانية التي توفر بيئة غنية للعديد من أنواع الأسماك والكائنات البحرية.

وتشتهر سنقنيب بشعابها المرجانية المتنوعة، والتي تعد موطن للعديد من الكائنات البحرية وهذه الشعاب ليست فقط من بين الأجمل في العالم، ولكنها أيضا تتمتع بصحة جيدة ويمكن للغواصين رؤية مجموعة متنوعة من الحياة البحرية، مثل:

  • أسماك القرش، بما في ذلك أسماك القرش المطرقة.
  • السلاحف البحرية.
  • أسماك الشعاب المرجانية الملونة.
  • الدلافين التي تسبح أحيانا بالقرب من الجزيرة.

يعتبر الغوص هو النشاط الرئيسي في جزيرة سنقنيب المحمية البحرية توفر مواقع غوص متعددة، منها ما يصل إلى أعماق تتراوح بين 5 إلى 40 متر ومن بين أشهر مواقع الغوص في الجزيرة هو الحيد المرجاني الحلقي الخارجي، الذي يتيح للغواصين مشاهدة التنوع البحري عن قرب.